البنك المركزي.. فساد ينتظر التصحيح

عدن الان/ رأي:

تقوم خطط وبرامج الإصلاحات الإقتصادية والمالية المراد تحقيقها في أي بلد على ثلاث ركائز أساسية، أولها قدرة القيادة على إتخاذ القرارات الحاسمة التي تستأصل البؤرة المسببة للإختلال، وثانيها الإدارة القادرة على ترجمة تلك القرارات عمليا، وثالثها تفعيل الشراكة ما بين المؤسسات الاقتصادية والمالية الحكومية والشركات والمؤسسات المالية الخاصة.

والخطة الحكومية المعلن عنها مؤخرا من قبل كل من رئيس الوزراء والمحافظ الجديد للبنك المركزي اليمني بعدن ووزير المالية لمعالجة الأزمة الإقتصادية والمالية التي تعصف بالأوضاع المعيشية للمواطنين في العاصمة عدن وباقي المحافظات الأخرى، نجاحها رهن توافر وتكامل الركائز الثلاث: القرارات الحاسمة والرادع ، الإدارة القادرة على تنفيذ الإصلاحات، شراكة القطاعين الماليين الحكومي والخاص.

ولا جدال حول أهمية القرارات الصادرة قبل شهر ونيف من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي لإصلاح ومعالجة الإختلالات الجسيمة في البنك المركزي اليمني بعدن التي أدت إلى الإنهيار غير المسبوق لقيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين.


وأستمدت القرارات الرئاسية أهميتها من الحسم والردع الذي تضمنتهما القرارات بإقالة قيادة البنك المركزي بعدن وإحالتها إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للتحقيق في المخالفات الجسمية والقرارات العبثية المخالفة للنظم والقوانين التي أرتكبتها تلك الإدارة، وتسببت في ضرر فادح طال شركات الصرافة والتحويلات في عدن التي تعد عصب القطاع الإقتصادي والمالي، وذلك من خلال الإقدام على خطوات غير قانونية بدأت بالإغلاق التعسفي لشركات الصرافة بعدن، والذي ألغي بحكم القضاء ببطلان قرار البنك وإعادة فتح الشركات بعد أن تكبدت خسائر مادية ومعنوية جسيمة طوال أكثر من شهر من الإغلاق.


وعقب ذلك صعدت القيادة السابقة للبنك المركزي مخالفاتها وفسادها إلى حد رفض أحكام القضاء الصادرة من المحكمة الإدارية بعدن والمؤكدة على بطلان كافة قرارات البنك المركزي التعسفية ضد شركات الصرافة العدنية التي تمثل القاعدة الحقيقية للإقتصاد في الجنوب، وبدلا من إلتزام البنك المركزي بحكم القضاء قامت إدارة البنك المركزي بالإلتفاف والتحايل عليه بإعادة فتح شركات الصرافة ولكن بعد إجبار الشركات على توقيع تعهدات وإلتزامات غير قانونية سلبتهم فيها كافة حقوقهم ووضعتهم تحت طائلة إبتزازها وفسادها.

واليوم يقع على عاتق المحافظ الجديد للبنك المركزي اليمني في عدن مسؤولية ترجمة القرارات الشجاعة التي أصدرها الرئيس هادي إلى إجراءات عملية، وذلك من خلال تصحيح الإختلالات وإلغاء كافة الإجراءات العبثية وغير القانونية التي حولت البنك المركزي بعدن في الفترة الماضية إلى وسيلة إبتزاز مفضوح لشركات الصرافة والتحويلات العاملة في العاصمة عدن بتراخيص قانونية ووفقا للقوانين والأنظمة الرسمية، وتنفيذ حكم القضاء القاضي بعدم قانونية وبطلان كافة اجراءات الإدارة السابقة.

أما الخطوة الأخرى الواجب على القيادة الجديدة تنفيذها، هي إعادة البنك المركزي بعدن إلى مساره الصحيح كداعم ومعزز للرأسمال الوطني الذي تعد البنوك وشركات الصرافة الأهلية أهم مرتكزاته، والمبادرة إلى تفعيل الشراكة الحقيقية بين الجانبين لضمان نجاح الإصلاحات والمعالجات الإقتصادية والمالية المطلوبة لتحقيق الإستقرار الإقتصادي والمعيشي الذي بات المواطنين بأشد الحاجة إليه.

أخيرا.. إنهاء عبث هوامير المضاربة بالعملة والإضرار بشركات الصرافة في العاصمة عدن لن يتحقق بشكل قطعي إلا عند إمتلاك شركات الصرافة إطار يدعم ترابطها ويعزز أنشطتها ويحمي حقوقها وفقا للقوانين والأنضمة ويضع حدا للمتلاعبين.

مقالات الكاتب